مقالات

انعكاسات الخلافات الزوجية وأثرها في تدمير نفسية الأبناء…ضحايا بلا ذنب (حصري)

دعاء الجبان

الأسرة في الإسلام هي نواة المجتمع، والأساس الذي تقومُ عليهِ الحياة، لهذا فإنّ الإسلام حثّ كثيرًا على توطيد أواصر المحبة والإخلاص بين أفراد الأسرة، وذكر أهميّة الأسرة وأهميّة تقديس العلاقة بين الزوجين في العديد من الآيات الكريمة ،
قال اللهُ تعالى: (مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً).

ولكن  يوجد بيت في العالم يخلو من الخلافات الزوجية والمشاكل الأسرية ،مهما كانت مستويات الحب والانسجام بين الزوجين مرتفعة،لكن حينما يتحول الشِجار إلى طقس طبيعي يمارسه الأب والأم، وتحدث المشاكل الزوجية أمام الأطفال دون مراعاة للآثار السلبية المدمرة له على نفسية الصغار، ينبغي أن ندق جميع أجراس الخطر والإنذار.

كما تشير الدراسات إلى أن الأبناء على اختلاف أعمارهم، سواء الرضع الذين لا يتجاوز عمرهم 6 أشهر أو كانوا بالغين في سن المراهقة، يتأثرون بالسلب على الصعيد الخارجي والداخلي من الخلافات الزوجية التي تنشأ أمامهم بين الأب والأم والتي قد تتضمن صراخًا أو إهانات أو ضرب واعتداء. فعلى الصعيد الخارجي، سنجد أن هؤلاء الأطفال يكونون أكثر عنفًا وعدائية وعدوانية من غيرهم، كما أنهم من الناحية الداخلية والنفسية يكونون أقل تقديرًا لأنفسهم، وأكثر عُرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب، وفي الحالات الحادة قد يسيطر عليهم المشاعر الانتحارية.

أعرف فتاة ترفض الزواج بسبب ما شاهدته من قسوة والدها لأمها أثناء طفولتها من ضرب وشتم وإهانة، وشاب آخر بلغ من العمر 40 سنة وهو ما زال يرفض الزواج لأن صورة الزواج في ذهنه سوداء بسبب ما شاهده من خلافات سيئة بين والديه أثناء طفولته، كما أن هناك شابا دخل مستشفى الطب النفسي وعمره ثمانية عشر سنة بسبب الخوف من الناس والقلق الشديد وتطورت حالته للخوف من المستقبل والخوف من الزواج والخوف من كل شيء بسبب العنف الذي كان يشاهده بين والديه أثناء الخلاف

وقصص كثيرة أعرفها مثل هذه الحالات وكلها بسبب سوء إدارة الخلاف بين الزوجين،
فمن أسوء المواقف التي نربي بها أبنائنا علي الخوف والتوتر والقلق أن يكثر الزوجان الخلافات أمام أبنائهما، وخاصة إذا رافق الخلاف ارتفاع للصوت والفاظ قاسية مثل الإتهامات في الشرف والعرض أو الشتم والسب، أو يرافق الخلاف العنف الجسدي مثل الضرب وشد الشعر والرفس بالقدم، كل هذه التصرفات إذا حصلت أمام الأبناء أكثر من مرة فإن النتائج التربوية تكون سيئة جدا.

تأثير المشاكل الأسرية على الأطفال
1- نفسيّة معقدة:

إنّ كثرة الخلافات والمشاكل العائليّة والأسريّة، ينعكسُ بشكلٍ سيئ على نفسيّة الطفل، وقدرتهِ على النمو العقلي بطريقةٍ سليمة، وهذا ما يخلق بعض العقد النفسيّة في شخصيتهِ،

2- التأخّر والتراجع الدراسي:

تؤثرُالخلافات العائليّة بقدرة الطفل على التركيز وتجعلهُ يُصاب بالتشتت الذهني والضياع، وهذا ما ينعكسُ سلبًا بقدرتهِ على تحقيق التفوق والنجاح الدارسي،

3_الإصابة بالتوتر والاضطراب العاطفي:

إنّ الطفل الذي يعيش في بيئة مضطربة ومليئة بالمشاكل والخلافات يتعرضُ مع الأيّام لمشاعر التوتر والاضطراب العاطفي، الذي يظهر على شكل بعض التصرفات الغريبة التي يقوم بها الطفل، كنوبات الغضب والصراخ، التبول اللاإرداي، وإذاء النفس.

4- التعرّض للأمراض:

إنّ المشاكل الأسريّة والخلافات العائليّة تؤثرُ كثيرًا على صحة الطفل العامة، حيثُ أنّ جهازهُ المناعي يُصاب بالضعف الناتج عن شعورهِ الدّائم بالخوف وعدم الراحة والأمان في منزلهِ، وهذا ما يجعلهُ معرضًا للإصابة بالأمراض الخطيرة، والأمراض المعدية.

5- فقدان الشهيّة للطعام:
وهذا ما يجعلهُ يُصاب بالنحافة الزائدة، وافتقاد الفيتامينات المهمة من الجسم.

نصائح مهمة لتجنّب المشاكل الأسريّة أمام الطفل:

محاولة الزوجين إخفاء المشاكل أمام أطفالهم، ومعالجتها خلال تواجد الأطفال خارج المنزل.
عدم إظهار مشاعر الغضب والتوتر أمام الأطفال.
عدم استخدام الألفاظ السيئة أمام الأطفل، وعدم توجيهِ الألفاظ السيئة إلى الأطفال أثناء التحدّث معهم، مهما كانت الأسباب.
تبسيط المشاكل أمام الأطفال، والتعامل معها بكل هدوءٍ وعقلانيّة.
الذهاب في نزهاتٍ مسليّة بين الحين والآخر، ليشعر الطفل بالمحبة والأمان.
التحدث مع الطفل بشكلٍ دائم ليشعر بمدى اهتمام الأبوين بهِ ومدى مراعاتهم لشعورهِ وأحاسيسه.
وضع قواعد وأنظمة داخل المنزل، وفرضها على الأطفال والوالدين.
تعامل الزوج والزوجة مع بعضهما البعض بكل احترام أمام الأطفال، مهما كانت خلافاتهم الخاصة كبيرة

تنازلا من أجل أطفالكما مع مراعاة أن يكون تنازلا حقيقيا وليس مزيفا لأن التنازل المزيف يجعل الأم تتحمل على سبيل المثال الخيانة من أجل أطفالها وبالتالى الحالة النفسية للأم وعدم إشباعها عاطفيا سيؤثر بشكل سلبى على الأطفال، فهناك فرق كبير بين التنازل الحقيقى ومعرفة حقها وبين الضعف وقلة الحيلة.

التنشئة الأسرية الناجحة لها دور كبير في إنشاء جيل ناجح ومعتمد على نفسه وواعٍ بما يحدث حوله، فالزواج وبناء الأسرة يحتاج إلى التضحية والحب والاحترام والتفاهم منَ الطرفين لضمان حياة سعيدة ومليئة بالحب والأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى