مقالات

الزكاة ودورها الإجتماعي والإقتصادي

الزّكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام وشعيرة من شعائره، والزّكاة في دلالتها اللّغوية طُهرة ونَماء، وهذه هي حقيقتها، وفي الاصطلاح هي استقطاعٌ مالي جبري من أموال المكلّفين، يعاد توزيعه على مستحقين معيّنين وصفًا. وهي فريضة على كلّ مسلم، ذكر وأنثى، مالك للنِّصاب، دون النّظر إلى جنسه أو عمره أو لونه أو نسبه أو طبقته أو وضعه الاجتماعي، فالنّاس جميعهم سواء أمام هذه الفريضة.

تعتبر الزّكاة سبباً لبركة أموال أصحابها ومخرجيها وزيادة رزقهم؛ فالأشخاص الّذين يقومون بإخراج زكاة أموالهم سيشعرون ببركتها وخيرها، وزيادة رزقهم. تعالج الزّكاة أحد أبرز مشاكل المجتمع وهي مشكلة الفقر؛ فالإنسان عندما يخرج زكاته للفقراء والمحتاجين سيكون سبباً في تغيير حالهم ومنعهم عن سؤال النّاس فيما يحتاجون من أمور الحياة.

يعمل إخراج الزّكاة على التقليل من المشاكل ما بين النّاس؛ فالإنسان عندما يريد أن يشبع حاجاته الأساسيّة ولا يجد المال لذلك، يمكن أن يقوم بعدّة ممارسات سلبيّة من شأنها أن تسد حاجته؛ كالسّرقة، أو الاعتداء على شخص ما أو السّلب، مع التّأكيد أنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة إلى أنّ الحاجة قد تدفع الشّخص بالقيام بتلك الأمور الخاظئة، فتأتي الزّكاة حلّاً لهذه المشاكل والحد منها، ممّا ينشر السّلم في المجتمع.

إنّ إخراج الزّكاة يزيد من الألفة والمحبّة بين النّاس في المجتمع، فتجد النّاس في عون بعضهم ممّا يزيد من الودّ والحب فيما بينهم.

تعمل الزّكاة على التقليل من الحسد أو الكره فيما بين النّاس، خاصّةً بين الطّبقات الغنيّة والفقيرة.

تكمن أهميّة الزّكاة في محاربة الفقر وتحقيق التنمية في البلدان العربية الّتي يقبع 37% من سكانها تحت خطّ الفقر، وما شُرعَت إلّا لخير المجتمع وتقدّمه وتأمينه ضدّ العوارض والأزمات الّتي تعصف به أحيانًا وتحصينه ضدّ كلّ ما يعيق رُقيّه وازدهاره ورفده بكلّ أسباب تشجيع الإنتاج وتحقيق التّكافل ومحاربة البطالة. فهي تأمين اجتماعي للأفراد جميعًا وضمان اجتماعي للعاجزين، ووقاية للجماعة كلّها من التفكّك والانحلال.

فإخراج الزّكاة هو الّذي يخرج الفقير من حدّ الكفاف، حيث لا يملك القدرة الشّرائية، وحيث يكون الحدّ الاستهلاكي عنده صفرًا، وحيث تكون الحاجة عنده إلى ضروريات العيش كبيرة جدًّا، إلى حدّ الكفاية، حيث تتوفّر لديه القدرة الشّرائية ويستطيع أن يساهم في الدورة الاقتصادية، إذ إنّه يصبح مستهلِكًا يحسب له حساب في الطلب الفعّال وهو الطّلب الّذي تسنده قوّة شرائية.

وليس القصد من الزّكاة هو سدّ حاجات الفقراء وإشباعها لبعض الوقت فقط، ولكن القصد منها هو إخراجهم من الفقر على الدّوام، وذلك بتمليكهم الوسائل الّتي تحميهم من التّردي في الفقر مرّة أخرى وتنقلهم من الكفاف إلى الكفاية. وليست الكفاية إشباع حاجات الفقير الضرورية فقط بل تتجاوز ذلك إلى توفير الكماليات.

ويقوم المجتمع المدني على مبدأ التّكافل الاجتماعي بين أفراده وتعاونهم فيما بينهم في السّرّاء والضّرّاء، وإنّ أركان الإسلام تؤكّد هذا وتقرّره، وأنا على يقين لو أنّ الأغنياء من المسلمين الّذين تجب في حقّهم الزّكاة أخرجوا زكاة أموالهم لمَا بقي فقير مسلم على وجه الأرض .

والزّكاة تُعزّز وحدة المجتمع وتتجاوز الجغرافية السياسية لبلدانه، إذ الأصل في الزّكاة المحلية أن توزّع على فقراء البلد الّذي تجبى منه، لكن ذلك لا يمنع جواز نقلها إلى حيث تمسّ الحاجة إليها.

كما أنّها تُعمِّق فهم الإنسان لوظيفة المال في المجتمع بتوكيدها للوظيفة الاجتماعية لحقّ الملكية، تأسيسًا على نظرية الاستخلاف الإسلامية؛ فالمال مال الله والنّاس مستخلفون فيه، وهذا الفهم يساعد المسلم على تقبّل أحكام الإسلام الأخرى المتعلّقة بالمال انتفاعًا واكتسابًا واستثمارًا وتداولًا.

وبالإضافة إلى دورها في التّكافل الاجتماعي، فإنّ للزّكاة وظائف اقتصادية واجتماعية أخرى، منها تأمين الإنتاج وزيادته.

وإنّ من أهمّ ما يلزم القيام به لتفعيل الزّكاة واستظهار آثارها، القيام بعملية توعية وتثقيف علمية واعية ومستمرّة، تشترك فيها المؤسسات التّربوية والتّعليمية والإعلامية، تستهدف تجديد التزام النّاس بالنّظام الزّكوي بأبعاده العقدية والقيمية.

وإنّ الدولة يمكنها أن تجعل الزّكاة فريضة مالية تكون إلزامية مائة بالمائة، وأن تكتفي بالزّكاة وتسدّ العجز في حال وجوده بالضّرائب، كما يوصي بذلك بعض الباحثين الاقتصاديين.

وندعو إلى ضرورة توفير منظومة محكمة لجمع وصرف الزّكاة، إمّا تكون حكومية أو مؤسسات مدنية تطوعية خاصة، على أن تُدار بشفافية، وأن تُحفَظ الأموال في البنوك والمصارف ، وتستثمر في مشروعات تملك للفقراء والمساكين.

تدعوكم منظومة وطن للمشاركة في تقديم العون لأهلنا المحتاجين في سوريا من خلال تبرعكم بزكاتكم عبر الرابط:
https://watan.foundation/Donate/Donate_For_Watan/25

المصدر : صدى المجتمع المدني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى