أخبار المجتمع المدني

الخوذ البيضاء: كارثة الزلزال أعادت تعريف الاستجابة الإنسانية بوصفها انتصاراً لرغبة الحياة

أكدت منظمة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، أن كارثة الزلزال أعادت تعريف الاستجابة الإنسانية بوصفها انتصاراً لرغبة الحياة رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة، وكانت ملحمة حقيقية شعبية صنعها العمل الجماعي الذي يعكس عمق العلاقة وتجذّرها بين مؤسسة الدفاع المدني السوري والمجتمعات التي تخدمها.

وقالت في تقرير لها: “مرّ عام على كارثة الزلزال المدمر، كان عاماً ثقيلاً على السوريين تضاعفت مأساتهم لتجتمع عليهم كارثتا الحرب والزلزال، وكان له أثر مدمر بعد أكثر من 12 عاماً من حرب النظام وروسيا، ففي تمام الساعة 4:17 ضرب زلزال مدمر بلغت قوته 7.8 درجات، مناطق شمالي سوريا وجنوبي تركيا، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات، وعشرات الهزات الارتدادية ولم يقتصر أثر الكارثة على الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات فحسب بل شكلت أيضاً تحديات طويلة الأجل أمام التعافي والصمود في ظل البنية التحتية الهشة وتشريد آلاف العائلات وضعف الاستجابة ومشاريع التعافي واستمرار الهجمات العسكرية والاستنفاد الكبير للقطاع الطبي وتحديات انتشار الأمراض والأوبئة”.

وشددت على أن فجر السادس من شباط كان فجراً قاتلاً، وتجلى التحدي الأكبر في الرقعة الجغرافية الواسعة في شمال غربي سوريا وهي الأكثر تأثراً من باقي المناطق السورية، والتي تطلبت استجابة سريعة وطارئة، في ظل واقع صعب تعيشه، وهو ما قام بهِ الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حيث أعلن حالة الطوارئ القصوى لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في 182 موقعاً ضمن 60 مجتمعاً، فيه أكثر من 580 مبنى مهدم كلياً وأكثر من 1578 مبنى تهدم بشكل جزئي.

واستطاع متطوعو الدفاع المدني السوري إنقاذ 2950 شخصاً من تحت الأنقاض بينما انتشلوا 2172 ضحية للزلزال، (وتمثل هذا الأرقام استجابة الدفاع المدني السوري للكارثة، ولا تعبر عن جميع الضحايا والمصابين بسبب الكارثة) وشارك في هذه العمليات أكثر من 3000 من كوادر الخوذ البيضاء منهم 2500 متطوع و 300 متطوعة و 200 موظف إداري، مع تعبئة كاملة للآليات الثقيلة والمعدات اللازمة، بالإضافة إلى استئجار عدد من الآليات الثقيلة من الأسواق المحلية، وفقا للتقرير.

72 ساعة ذهبية في مواجهة الكارثة

قالت المنظمة أنه رغم أن عدد الضحايا وحجم الأضرار في شمال غربي سوريا كان الأكبر على مستوى الجغرافية السورية، لم يكن هناك أي تحرك مباشر دولي أو أممي لمساعدة المنطقة المنكوبة، وواجه متطوعو الدفاع المدني السوري، والسكان في شمال غربي سوريا آثار الزلزال المدمر وتمكنوا من الاستجابة وإنقاذ الأرواح، ورغم الازدياد المتواصل في الحاجات الإنسانية في شمال غربي سوريا فقد توقف دخول المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى في الـ 10 من تموز بعد انتهاء التفويض الأممي، بل وأعطت الفرصة لروسيا كي تلعب بالمساعدات الإنسانية كورقة سياسية تبتز بها المجتمع الدولي في أروقة مجلس الأمن رغم وجود النص القانوني الذي يسمح بمرور المساعدات دون الحاجة لقرار من المجلس، وبدلاً من توسيع المساعدات وإدخالها دون أي عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، سيطر نظام الأسد على ورقة المساعدات عبر الحدود شريان الحياة الباقي للسوريين بعد أن تسبب في مآسيهم كلها خلال مدة الـ 12 سنة الماضية.

الهجمات المستمرة

أشارت المنظمة إلى أنه وبينما كان السوريون يحاولون التعافي من أثار الكارثة الثانية والمتمثلة بزلزال شباط المدمر كان الكارثة الأولى متمثلة بحرب نظام الأسد وروسيا والميليشيات الموالية لهم مستمرة، ولم تتوقف آلة الحرب عن سلب أرواح السوريين حيث وثقت فرقنا 1,322 اعتداءً عسكرياً ضمن 189 تجمع سكاني خلال عام 2023، حيث ازدادت وتيرة الاعتداءات العسكرية اعتباراً من شهر آب، كما شهد شهري أيلول وتشرين الأول العدد الأكبر من الاعتداءات، كان نظام الأسد مسؤولاً عن أكثر من 84 % من الاعتداءات، كما كانت القوات الروسية مسؤولة عن 6 % من الاعتداءات، كما كان مصدر 4 % من الاعتداءات مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، إضافة لعدد من الهجمات مجهولة المصدر.

واستهدفت الاعتداءات مختلف المرافق المدنية بغية إيقاع العدد الأكبر من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، حيث طالت النسبة الأكبر من الاعتداءات (53%) الحقول الزراعية، تلتها منازل المدنيين (32%) ثم الطرق (5%)، كما طالت الاعتداءات كذلك المدارس، والمخيمات، والمباني العامة، والأسواق، والمشافي، والمساجد.

وانتشل متطوعو الخوذ البيضاء خلال استجابتهم للاعتداءات العسكرية خلال عام 2023 جثامين 173 قتيلاً، من بينهم 24 امرأة و51 طفل، كما أنقذوا 720 مصاباً، من ضمنهم 97 امرأة و233 طفلاً، عانى المتطوعون أثناء عملهم من صعوبات كبيرة في الحركة بسبب رصد الأماكن المستهدفة بطيران الاستطلاع، والخشية من تجدد القصف أو الغارات المزدوجة خصوصاً في حال وجود مصابين تحت الأنقاض، علماً أن المتدربين تلقوا تدريبات خاصة حول آليات التعامل الخاصة مع المصابين، خصوصا النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.

واستهدفت قوات النظام السوري خلال حملتها العسكرية في شهر تشرين الأول أربعة من مراكز الدفاع المدني السوري، إذ استهدفت مركز اً في أريحا بتاريخ 5 تشرين الأول، ومركزين في دارة عزة ومدينة ادلب ومركز النساء والأسرة في بلدة سرمين بتاريخ 8 تشرين الأول، دون وقوع إصابات بين المتطوعين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى