مقالات

التعليم ما بين مطرقة الخصخصة وسندان التطوّع .. بقلم فراس جمعة

ماذا يعني مصطلح خصخصة التعليم؟

خصخصة التعليم بشكل عام تعني انتقال بعض المؤسسات التعليمية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وبالتالي تصبح مؤسسة خاصة وليست عامة، والهدف من ذلك للتعاون ما بين القطاعين الخاص والعام في العملية التعليمية.

وهذا الأمر نراه في الدول ذات الاقتصاد المستقر والتي تسعى إلى التطوير في شتى المجالات، مع دعم كامل لباقي مؤسساتها العامة، وبذلك يصبح مفهوم الخصخصة رديفا للعام وليس مستقلا عنه.

 الفارق بين المدارس العامة والخاصة:

المدارس الخاصة:

ما نراه هنا في الشمال السوري شرخاً كاملا ما بين مدارس القطاع العام والقطاع الخاص، فالمدارس الخاصة مستمرة صيفاً شتاءً متمتعة بالأمن والاستقرار للطلاب والمعلمين مجهزة بالأدوات والوسائل التعليمة، ذات جودة تعليم عالية ومتابعة مستمرة، تمتاز بصيانته الدورية، وقلة أعداد طلابها ضمن الصف الواحد، ووجود الحافز للمعلم والمتعلم، والبرامج الأكاديمية الإضافية، والنشاطات اللاصفية، والمعاملة الشبه مثالية مع الطلاب وذويهم.

هذه الميزات نراها مجتمعة في المدارس الخاصة:

  • من أجل نجاح المشروع الاستثماري الذي بلغة تكلفته مئات الآلاف من الدولارات فصاحب المدرسة الخاصة دائما يكون حريصا على استثماراته ونموّها بشكل أفضل مما يجعله مهتمًّا دائما بتطوير مدرسته للأفضل من كل الجوانب.
  • توفير الموارد المالية (أقساط الطلبة) التي تضمن العملية التعليمة المستمرة ذات الجودة العالية، وهنا يُنظر الى الطالب والمعلم على أنهم استثمار ويجب تنميته والمحافظة عليه.

أمّا المدارس العامة:

وخصّيصاً غير المدعوم منها من قبل المنظمات الإنسانية فهي تعمل في الحد الأدنى في كل شيء، ناهيك عن البناء الهيكلي المتآكل والأثاث المدرسي القديم وانعدام الوسائل التعليمة والتحفيزية، والأهم من ذلك كله الغياب شبه التام لحوافز المعلمين، مما يدفع الكثير منهم لترك العمل والذهاب الى القطاع العام أو العمل في مهن أخرى لسد رمق العيش, والجدير بالذكر أننا تكلمنا عن السبب الرئيسي وهو انقطاع الرواتب للمعلمين وتناسينا حقوقهم المعنوية والبيئة المدرسية الجذابة والأمان الصحي والوظيفي والمعاش التقاعدي والأدوات والوسائل المساعدة التي تساهم في نجاحهم وتزيد من عطائهم وتفانيهم في أداء واجبهم .

ومع قلة هذه الموارد جميعها والتعب الذي حل بالمعلم نتيجة التطوع الطويل، إلا أننا نرى نجاح بعض هذه المدارس العامة ومازالت مستمرة مع معلميها وطلابها الذين لا قدرة لهم على تحمّل عبئ مصاريف المدارس الخاصة.

  • إن ازدياد أعداد المدارس الخاصة دون أن تتمتع بمؤهلات كافية تمكنها من لعب الدور المنوط فيها، وتكون غاية أصحابها في معظم الأحيان الكسب المادي، بالإضافة إلى واقعها غير المشجع من نقص التجهيزات والمباني قد يؤدي إلى زعزعة الثقة بالتعليم الخاص.

إن بقية سفينة التعليم متجهة نحو الخاص فإننا سنشهد في السنوات المقبلة ما يلي:

ذهاب أبناء التجار وأصحاب الشركات والمصالح ذات الدخل الجيد وربما العالي نحو المدارس الخاصة (لكونهم يملكون المال) وذهاب أبناء الأسر من الدخل المحدود والمهن العادية إلى المدارس العامة (لكونهم لا يملكون المال)، وينتج عن ذلك تعزيز التفاوت، والطبقية في المجتمع والتسرب المدرسي، وانتشار عمالة الأطفال، وتفشي الجهل والأمية.

ومن هنا يمكننا القول للقائمين على إدارة قطاع التعليم:

إن رأيتم تجربة خصخصة التعليم ناجحة وذات جهود مثمرة في ظل غياب الدعم وقلة الموارد المالية كحلٍّ إسعافيّ مؤقّت أو دائم، لنمض إذاً في خصخصة القضاء ومؤسّساته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى