مبادرات ميدانية

“افتح خزانتك” .. فكرة دعم اجتماعي لتأمين الملابس للعائلات في ظل ارتفاع الأسعار

لم تنته قسوة الظروف التي يعاني منها الشعب السوري بعد تهجيره هرباً من الموت على يد نظام الأسد، إذ بدأ يواجه صعوبات من نوع آخر في بلاد المهجر، حيث لا يوجد فرص عمل، ولا دخل كافي لإعالة الأسر المهجرة، مع غلاء فاحش في الأسعار، كل هذا جعل الكثير من أرباب الأسر عاجزين عن تلبية احتياجات قد تكون بسيطة لأسرهم، فهناك أولويات كالإيجار والفواتير والطعام.

لكن الشعب الذي ثار على الظلم وواجه نيران الطغيان لم يستسلم للظروف، ومن قلب هذه التحديات ولدت الكثير من المبادرات المدنية التي أثبتت إنسانية الشعب السوري وقدرته على مساندة بعضه البعض لمواجهة تحديات المرحلة.

من هذه المبادرات كانت “افتح خزانتك”، كفكرة دعم اجتماعي أطلقها مجموعة من الشباب والشابات لتأمين الملابس للعائلات في ظل الارتفاع الكبير للأسعار، وعن هذه المبادرة كان لموقع “هيومن نيوز” اللقاءات التالية مع القائمين عليها.

الأخوة في الإنسانية
تقول (سلمى) وهي طالبة جامعية مقيمة في مدينة “الريحانية” التركية: “بدأت الفكرة في إحدى الجلسات مع صديقاتي، كنا نتحدث عن غلاء الأسعار وعجز الكثير من الناس عن تأمين اللباس لأسرها، بسبب أولويات الحياة الأخرى وضعف الدخل، قدمت أمي وقتها مداخلة في الحديث عن أنهم كانوا زمان عندما يصغر اللباس على أبنائهم، وهو في وضع جديد يعطونه لأحد أفراد الأسرة الذي قد يستفيد منه لأحد أبنائه الأصغر سناً، وقتها لمعت الفكرة في ذهني أنا وصديقتي، لماذا لا نعيد الفكرة على نطاق واسع، ألسنا جميعاً أخوة في الإنسانية؟!.

على الفور بدأنا نتواصل مع الأصدقاء في مختلف المدن، لنطرح عليهم الفكرة، بدورهم رحبوا بها وتواصلوا مع معارفهم وأصدقائهم لتأمين ما يمكن من ألبسة وأحذية لجميع الأعمار والأجناس، ولتفادي الإحراج الذي قد يحصل لدى رؤية أحدهم لآخر يرتدي ملابسه، رحنا نجمع الألبسة في مكان تقوم مجموعة من المتبرعات بتنظيفها وكويها ووضعها بأكياس وفرزها حسب المقاس، ثم يتم نقلها إلى مكان آخر بعيد وتوزيعها على المحتاجين لها، حيث نظمنا قوائم بأسماء العائلات المحتاجة، وكنا نرفق مع الألبسة برسالة صغيرة عن هذه الأشياء، والتي هي عبارة عن ملابس بحالة ممتازة مقدمة من أناس أحبو مساعدة إخوانهم بالإنسانية، انطلاقاً من مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي، بدأنا بشكل بسيط سرعان ما تطور ليصبح لدينا فائض من الألبسة نفكر بإرساله إلى الداخل السوري”.

أما (أم حسن) وهي سيدة سورية من مدينة “حمص” تقول: “أخبرتني ابنتي وصديقاتها عن مبادرة (افتح خزانتك)، أعجبتني الفكرة كثيراً وبحكم أن لي الكثير من الأصدقاء والمعارف الأتراك والعرب، نقلت لهم الفكرة، بدورهم رحبوا كثيراً بها، وبدأوا على الفور بجمع الألبسة من محيطهم وإحضارها لي لأغسلها وأجهزها على أكمل وجه لتصل للمستفيد منها، كنت أجد متعة كبيرة بعملي هذا.

كنا حريصين جميعاً على السرية بالعمل، لتفادي أي احراج قد يلحق بالأسر المستفيدة، سيما أن الكثير منهم كانوا بحالة مادية جيدة سابقاً، إلا أن ظروف التهجير تسببت بحاجتهم هذه”.

(عمر) الشاب الجامعي في مدينة “اسكندرون” يقول: “سمعت بالفكرة من زميلاتي بالجامعة، تكلموا عن أهمية المبادرة وأهمية العمل بها بسرية لعدم إزعاج الأسر المحتاجة، أعجبتني الفكرة كثيراً، قمت بنقلها على الفور لأصدقائي الشباب في محيطي وجامعتي، الكل رحب بالمبادرة وسارعوا لجمع ما يستطيعون من ألبسة وإحضارها لي، حيث أقوم بفرزها حسب الجنس والمقاسات وتجهيزها لتصل إلى المستفيد منها، ثم أرسلها إلى الصبايا ليقوموا بتوزيعها.

كما وزعت بعضها للأسر المحتاجة ببلدتي اسكندرون وما حولها، فأنا أحد الناس الذي توجد الكثير من الألبسة في خزانتي لا أستخدمها، ارتحت كثيراً مع مبادرة (افتح خزانتك) لإحساسي أن هذه الألبسة المنسية لدي قد يستفيد أحد آخر منها، أتمنى أن تعمم هذه الأفكار، لأنها تعزز فكرة الناس لبعضها، ولازلنا قادرين على تقبل المساعدة من بعضنا البعض دون جرح للمشاعر”.

بدورها (سوسن) وهي طالبة جامعية مقيمة في “إسطنبول” حدثتنا قائلة: “وصلتني الفكرة من صديقاتي المقيمات في هاتاي، أعجبت بها، ونقلتها لصديقاتي السوريات والعرب، بدورهنَّ أبدين إعجابهم بالفكرة، وسارعنا جميعنا إلى العمل بها، مع المحافظة على سرية العمل أثناء تجهيز الألبسة، جمعنا كمية كبيرة جداً من الألسبة وأرسلنا قسماً منها إلى هاتاي واحتفظنا بقسم لنوزعه ضمن إسطنبول.

البعض كان يرسل الثياب لنا نظيفة ومجهزة بشكل كامل للتوزيع، أسعدني العمل كثيراً بهذه المبادرة، وأتمنى أن تعمم لتشمل مساعدات تكفل لبعض الناس متابعة تعليمهم، كجمع مبالغ زهيدة لا تشكل عبئاً على المتبرع، ولكنها مع العمل الجماعي ستكون مفيدة لدعم بعض الشباب على متابعة تعليمهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”.

وهكذا يثبت السوريون دائماً أنهم شعب حي، قادر على مواجهة الصعوبات والتحديات التي فرضها عليه واقع الحرب

المصدر : هيومن نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى