ما أسباب اهتمام السوريين بمجريات الحرب الروسية الأوكرانية ؟ .. بقلم : يحيى السيد عمر
يَحْظَى الغزو الروسي لأوكرانيا باهتمامٍ شعبيّ عامّ في مختلف دُوَل العالَم. وهذا ما ينسحبُ على السُّوريِّينَ أيضًا. فمن المُلاحَظ أنَّ مجريات الحرب تَحْظى باهتمام السُّوريِّينَ بمختلف انتماءاتهم السِّياسيَّة. فالموالون لحكومة النِّظام والمعارضون له يتابعون مَجْريات الحرب باهتمام ويتفاعلون مع مجرياتها.
منذ بَدْءالثورة السورية شهد العالم استقطابًا حادًّا حول تداعياتها؛ حيث انقسمت الدُّول بين دَاعِمٍ لها أو دَاعِمٍ للنِّظام. ولاحقًا مع تعقُّد المشهد تحوَّلت سوريا لساحة تصفية حسابات بين هذه المحاور. وحاليًا وفي ظل الغزو الرُّوسيّ يشهد العالَم استقطابًا حادًّا لم يشهد نظيره منذ أزمة الصَّواريخ الكوبيَّة عام 1962م. والتمحور الحالي حاليًا يشابه التَّمحور في بداية الثَّورة السُّوريَّة.
يمكن تحليل اهتمام السُّوريِّينَ بمجريات الغزو الروسي وفقًا لبُعْدَيْن: الأول عاطفيّ، والثاني عقليّ. فالبُعْد العاطفيّ ينبع من الموقف الضِّمنيّ من المحورين المتحاربين. فالمعارضون -ووفقًا لموقفهم السَّلبيّ من روسيا ومن ممارساتها في سوريا- يتمنَّون هزيمتها؛ وذلك لأن هزيمتها قد تكون بالنِّسبة لهم نوعٌ من النَّشوة لهزيمة عدوٍّ مُباشِر لهم.
ذات الأمر ينسحب على الموالين للنِّظام؛ فهم يرون في روسيا مُنْقِذًا للنظام من السُّقوط المحتّم؛ ولذلك يتعاطفون مع روسيا , ويتمنون انتصارها في معركتها. هذا فيما يتعلَّق بالبُعْد العاطفيّ والذي يُعدّ حالةً فطريَّة لا يُخطِّط لها الفرد، بل تكون استجابةً لانتمائه ولتاريخه وحاضره.
فيما يتعلَّق بالبُعْد العقليّ، وبحكم تشابك الملفات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة لا يمكن عَزْل أيّ منطقة في العالَم عن مجريات الأحداث في مكانٍ آخر. وهو ما يقود بشكلٍ غير مباشر لنظريَّة “أثر الفراشة” في النِّظام العالميّ. وهنا لا يمكن تشبيه ما يحدث في أوكرانيا بأثر الفراشة. بل هو أقرب للإعصار السِّياسيِّ والعسكريّ.
إنَّ الحُكْم العقليّ لما يجري في أوكرانيا يُحتِّم الاعتراف بأنَّ هذا الأمر سينعكس على العالم أجمع وعلى سوريا كذلك. فسوريا وفي ظروفها المأساويَّة ليست بحاجةٍ لمآسٍ جديدةٍ. ولكنْ ممَّا لا شَكَّ به أن نتائج الحرب ستنعكس على سوريا في حال انتصار روسيا أو هزيمتها. وبغضِّ النظر عن المجريات العسكريَّة فإنَّ الآثار الاقتصاديَّة ستطال السُّوريِّينَ بغضِّ النَّظر عن المنتصر والمهزوم.