كورونا يُتوِّج عام ٢٠٢٠ بلقب العام الكارثي الأسوأ عبر التاريخ
محمد العمر
اعتادت الصحافة الغربية أن تربط كل عام يمضي باسم رجل أو حدث مهم ، أو حرب، أو باسم أهم المجريات الحاصلة خلال العام .
أما هذا العام اتفق الجميع حول العالم بأن الحدث الأبرز كان وباء «كورونا».
والذي بدأ انتشاره كوباء من إحدى مدن الصين، حيث تكثر الخفافيش، لينتشر بعدها حول العالم ثم بدأت بعدها حملة البحث على لقاح يحدّ منه، ولو أن الحدث الأهم لم يقع بعد، وهو العثور على وسيلة القضاء عليه ،إلا أن الأحداث السياسية غالباً ماتبدو هكذا باهتة رغم أهميتها ومغازيها.
فكما كان فوز دونالد ترمب قبل أربع سنوات الحدث الدولي الأهم، كانت خسارته الرئاسة الأميركية هي الحدث الأهم أيضاً. بل إن مجلة «تايم» التي اخترعت فكرة «رجل العام» و«حدث العام» إلى حد القول، إن هذه السنة هي الأسوأ في التاريخ.
هول يمحو آخر:
أي أنها تفوّقت على سنوات الإبادة الجماعية التي ارتبطت باسم “هتلر” في ألمانيا، و “ماو تسي تونغ” في الصين، و”ستالين” في الاتحاد السوفياتي .
فالطاعون الذي ضرب أوروبا، والزلزال الذي ضرب سان فرنسيسكو، والإنفلونزا التي ضربت إسبانيا، لم تعد في المقارنة شيئاً يُذكر.
وتنسى الناس في المقارنات تلك المجاعات التي تضرب الدول الفقيرة كل سنة، خصوصاً في القارة الأفريقية، وقد حققت دول آسيا، خصوصاً الصين والهند، خطوات تاريخية في الانتصار على الخوف من المجاعة، لكن تلك المجتمعات هائلة الحجم لا تزال ضحية الذعر الذي يُباغتها ويباغت هياكلها الضعيفة، فتتحول إلى ضحية كبرى تضيع فيها الأرقام.
هجرة الموت:
وعندما دبّ الذعر بين الهنود مؤخراً من انتشار «كورونا»، ركب الملايين القطارات الذاهبة إلى أي مكان هرباً من المرض. وهكذا، حملوا العدوى معهم ونشروها من ولاية إلى ولاية، ولم ينفع ما وصلت إليه الهند من تقدم علمي في أمور كثيرة .
لم تعد مقاييس رجل العام، أو حدث العام كما وصفتها «تايم» في البداية. وقد أصبح حدثاً عادياً الآن أن تفوق ثروة رجل واحد 150 مليار دولار.
ولم يعد للسوق التقنيّة أي حدود، ولا عادت الناس تنتظر نتائج «مايكروسوفت» السنوية كي تُدهش أمام الأرقام التي حققتها شركة مايكروسوفت وصاحبها بيل غيتس. إن صاحب «أمازون» يحقق الآن خلال أشهر قليلة ما يحققه غيتس في حقبة طويلة، أو ما لا تستطيع دول كثيرة تحقيقه عبر السنين.
كانت الثروات الكبرى تأتي من الطبيعة. فالعثور على مناجم الذهب في الولايات المتحدة جعل العالم بأجمعه يهاجر إليها، ثم عرفت الهجرة الكبرى مع اكتشاف الذهب الأسود. وهكذا، وفّرت الطبيعة أيضاً الثروات الزراعية والمائية.
ومن حظ أميركا أن إنتاجها الزراعي لم يكن أقل أهمية من إنتاجها الصناعي، منذ أن عرف العالم ما نسميه الآن التكنولوجيا وضع العقل يده على أهم سبل الإنتاج.
كل يوم دهشة كبرى ودهشة أخرى.
٢٠٢٠ الاسم الأنسب لعامه:
مع كثافة الأحداث والتقلبات والتناقضات التي حصلت خلال العام الجاري يبقى الحدث الأهم في عام 2020 هو السنة نفسها؛ فحسبك ذكر هذا الرقم لاختصار كم هائل من الوقائع والمفاجئات.
سنة وقوف الإنسان مذهولاً ويائساً ومستسلماً أمام جرادة الخفافيش. يُقال الآن إن مدينة «ووهان» أصبحت خالية تماماً من الفيروس القاتل. وليتها، في المقام الأول، لم تزنِ ولم تتصدّق.