فقد المسن الكندي “شربل” زوجته العام الماضي، ومع ظهور وباء كورونا لم يستطع تحمل العزلة والوحدة والألم، خاصة أنه ليس لديه عائلة ولا أطفال لذا حاول الانتحار لكنه لم ينجح. وعندما علمت الناشطة السورية “أمل كنفاني” بقصته، أرادت مساعدته من خلال تقديم وجبات طعام يومية له والاعتناء به ودمجه في أنشطة المركز المجتمعي وتأمين فرصة عمل له في منزله للخياطة وتصميم الأزياء.
“شربل” واحد من عشرات الحالات الإنسانية التي ساعدتها “الخالة أمل” كما اعتاد اللاجئون السوريون في كندا على تلقيبها من خلال الجمعية التي حملت اسمها وتم اختيارها منذ أيام كواحدة من أوائل الجمعيات المساهمة في تقدم المجتمع الكندي بمدينة تورنتو، وخاصة أنها تساعد كل فئات المجتمع بغض النظر عن العرق أو اللون.
بعد وصولها إلى كندا عام 2013 وجدت “أمل كنفاني” قطعة أرض مهجورة أمام منزلها بمنطقة “جريس جاردن” فقررت تنظيفها وتحويلها إلى حديقة جميلة بمساعدة عدد من المتطوعين وبعد فترة تحول هذا المكان المهجور إلى جنة غنّاء تتوسطها خيمة ونافورة ماء وركن للشواء ومساحة لزراعة الفواكه والخضروات العضوية يستفيد منها سكان المنطقة واللاجئون بما في ذلك كبار السن والأطفال، وكانت هذه المبادرة بداية عمل الخالة أمل، حيث انخرطت في العديد من الجمعيات التي تخدم اللاجئين.
وفي العام 2015 أسست جمعية خاصة باسم “جمعية الخالة أمل الإغاثية” من مصروفها الخاص دون أي دعم أو تمويل شأن الجمعيات الأخرى -كما تقول لـ “اقتصاد”- مضيفة أنها بدأت بتقديم المساعدات للاجئين الجدد من تبرعات المتطوعين وقدمت الجمعية المساعدات الممكنة، بدءاً من استقبال اللاجئين في المطار وتأمينهم في بيوت سكنية وتوفير مستلزماتهم الحياتية وساعدتهم في إنهاء إجراءات التوطين وتسجيل أولادهم في المدارس وحفلات تعارف وترفيه وكل ذلك دون أي مساعدة من الحكومة الكندية التي تغطي هذه الجوانب عادة في بداية الأمر.
وكشفت الخالة أمل أن جمعيتها جلبت 48 عائلة سورية إلى كندا ووفرت كل احتياجاتهم، ولفتت إلى أن لدى الجمعية الآن فكرة جديدة بسب ظروف كورونا والتباعد الاجتماعي وهي منصة للتعليم عن بعد حيث ستقوم بتعليم الأطفال الذين حرموا من الدراسة بسبب هذه الظروف وممن ليس باستطاعة أهاليهم تدريسهم بسبب التكاليف المادية من خلال موقع الجمعية على “فيسبوك” وستخصص هذه المنصة لتعليم اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية ومادة الرياضيات.
ولفتت محدثتنا إلى أن جمعية الخالة أمل ليست خاصة باللاجئين السوريين بل لكل إنسان محتاج لطعام أو لباس أو معونة من أي عرق أو لون أو دين، فالجمعية تخدم الإنسانية بغض النظر عن أي معيار آخر، حسب وصفها، مشيرة إلى أن الفرق بين جمعية الخالة أمل وغيرها أنها قامت على المال الشخصي لها، ولم تطلب من الحكومة الكندية أية معونة في البداية معتمدة على محبة الناس والمتطوعين ومساعدتهم.
ولفتت اللاجئة المتحدرة من جزيرة أرواد إلى أن العائق الأكبر للجمعية كان في البداية شح الموارد ولكن الجمعية باتت بعد سنوات قليلة من تأسيسها معروفة في كندا وباتت تتلقى الدعم من الحكومة والمجتمع ولديها أناس كثر يثقون بعملها ويدعمونها.
وحول وضع الجمعيات الإغاثية التي تتوجه للاجئين السوريين في كندا بظل أزمة كورونا، أوضحت كنفاني أن العالم كله تأثر بهذه الأزمة ولكن الحكومة الكندية بادرت لصرف كل المعقمات والأشياء اللازمة لمنع عدوى الكورونا بين الناس وبكميات كبيرة، وأوصلت الطعام لكل البيوت المحتاجة لمنع خروج الناس وكان لجمعية الخالة أمل-كما تقول-دور في تقديم الخدمات وتوصيل الوجبات الصحية المجانية لمحتاجيها وللمشردين في الشوارع.