غياب القروش التركية شمال سوريا.. من الخاسر وما الحلول؟
انعكس غياب الفئات النقدية الصغيرة (5 – 10 و25) قرشا تركيا، وعدم التعامل بها من قبل التجار في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، بشكل سلبي على المواطنين، لاسيما بعد فرض التعامل بالعملة التركية في المنطقة من قبل السلطات المحلية.
وبسبب ضعف القدرة الشرائية لبعض سكان تلك المناطق، وعدم معرفة بعض منهم بقيمة تلك القروش نظرا إلى تعاملهم بالعملة التركية لأول مرة، انقسمت الآراء حول استخدامهم لها، ورحب قسم كبير من المواطنين بفكرة استبدال التعامل السورية بالعملة التركية، لفقدان قيمة السورية وتلاعب التجار بالأسعار خاصة أثناء ارتفاع وانخفاض سعر الصرف، فيما أعرب البعض عن رفضهم التعامل بها بسبب فروق المعيشة وعدم قدرة الأهالي على شراء احتياجاتهم.
يقول الشاب “إبراهيم عبد الكريم”، “عند إصدار السلطات المحلية قرارا بمنع التعامل بالليرة السورية، وفرض التعامل بالليرة التركية في المناطق المحررة شمال غرب سوريا رحبنا كثيرا بهذا القرار، ظنا منا أن المواطن سيتخلص من موضوع التلاعب بالأسعار من قبل التجار لكن الأمر لم يختلف كثيرا عما سبق.
وأضاف،، أن تلاعب التجار في أسعار السلع والبضائع بقي على حاله، وذلك بسبب عدم ثبات سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، وعدم توفر القطع النقدية الصغيرة كـ الـ10 قروش، والـ5 قروش، وفي بعض الأحيان الـ25 قرشا، وإن توفرت في بعض الأحيان يرفض البائعون التعامل بها وكأن لا قيمة لها.
وأوضح ان هذا الأمر ينعكس بشكل سلبي على جميع المستهلكين، فيما يعود نفعه بشكل كبير على التجار والبائعين، فكثير من الأحيان نُجبر أن نشتري أكثر من احتياجنا لكي لا يخصم البائع الـ 10 أو الـ5 قروش المتبقية، بحجة لا يوجد فئات نقدية صغيرة، أو لا نتعامل بها، وفي بعض الأحيان تخصم علينا مرتين أو ثلاث مرات في اليوم الواحد عند تعاملنا مع أكثر من محل.
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي الدكتور “عبد الرزاق نوفل”، أن غياب الفئات النقدية الصغيرة أثره كبير على سعر جميع السلع، خاصة أن أسعار التجار كلها بالدولار، وعندما يأخذ الثمن يأخذه بالسعر الأعلى نتيجة غياب القروش، كما أن التاجر يجعل هامش الربح كبير بسبب غياب القروش.
وتابع ، أن غياب القروش له علاقة كبيرة بثبات الأسعار لأن الأسعار في المناطق المحررة محسوبة بالدولار وليس بالليرة التركية فغياب القروش يعطي هامش كبير للتاجر في تحديد سعر سلعته.
ورأى المحلل الاقتصادي “نوفل”، أنه لا يمكن للسلطات المحلية في الوضع الراهن ضبط جميع التجار، والحل الأفضل هو طرح القروش للتعامل في السوق بين المستهلك والتاجر، وكان من المفروض عند طرح الليرة التركية للتداول في المناطق المحررة هو طرح القروش للتعامل.
وأشار إلى أنه وعلى الرغم من وجود فئة الـ25 قرش، إلا أن معظم أصحاب المحلات لا يتعاملون بها، ويأخذون السعر الأعلى لهم وإذا كان لك ليرة عندهم يردونها لك أرباع، وإلى الآن رغم وجود فئة 25 قرش، نلاحظ معظم أصحاب المحلات لا يرغبون بالتعامل بهذه الفئة.
وأشار “نوفل” إلى أن الفقراء هم الأكثر تضررا من غياب الفئات النقدية الصغيرة، وأن عدم التعامل بالفئات النقدية الصغيرة يضر باستقرار الاقتصاد المحلي، ونلاحظ أن القرارات المتخذة في المناطق المحررة جميعا (إدلب، درع الفرات) لا تضبط الأسعار.
ويرى بعض التجار في شمال سوريا، أنه منذ بدء ضخ الليرة التركية قبل حوالي سنة، أدى التعامل بها إلى خلق أمان ومرونة أكبر بالتعاملات التجارية، كما أسهم في الحفاظ على أموال الأهالي نوعا ما، بالإضافة إلى استقرار نسبي بالأسعار.
بينما يرى تجار آخرون، أن الليرة التركية لم تحل مشكلة الغلاء، وعلى العكس تسببت بارتفاع مستمر للأسعار، بسبب تقلب قيمتها أمام الدولار الأمريكي، ما أدى إلى فتح المجال أمام التجار للتلاعب بتسعير المنتجات والبضائع، موضحين أنه على الرغم من ذلك، فإن مستوى أسعار السلع استقر نسبيا مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في أثناء التعامل بالليرة السورية.