مقالات

غلاء . وباء . تشرد. نزوح . وذكريات رمضانية تضاعف الألم (حصري)

محمد العمر

في كلّ عام، يأمل النازحون السوريون أن يمارسوا طقوسهم المعتادة خلال شهر رمضان، في بيوتهم التي هجروها قسراً إذ طالما حلموا ودعوا .بأن اللهم بلغنا رمضان في بيوتنا يا رب العالمين إلا أن ذلك لا يتحقق. ما زالوا في المخيمات، يُكافحون لتأمين قوت يومهم ويستذكرون أياماً مضت، ويحلمون أن تعود وهم ما زالوا يجارون قساوة التهجير قساوة سلبت النازحين فرحة شهر رمضان وروحانياته.
كما يذكر أحد ساكني المخيمات في الشمال السوري كنا نستشعر رمضان قبل قدومه بأسابيع نشعر أن الطقس تغير وهدأت نسماته وكأنه استعد لروحانية رمضان حتى رائحة الهواء تتغير لنستقبل رمضان بكل الفرحة والسرور
ويردف قائلا نبدأ نهارنا قبلاً بكل الفرح والسعادة حتى يتنصف النهر لننطلق كلن إلى شراء حاجيات الإفطار المتفق عليه عائلياً لتجد في المحال التجارية ما لذ وطاب من كل ما يخص الطعام والإفطار من خضار وفواكه ولحوم
أما اليوم ونحن قابعين في هذا المصير المشؤوم المبهم العواقب نستيقظ صياما متعبين لنسعى في يوم جديد للعمل كأيام ما قبل رمضان لم يختلف شيء لنسعى لإيجاد عمل نشتري به الخبز الخبز فقط لنحضر في عصر اليوم للذهاب لأحد الخيم الصغيرة التي جعل منها صاحبها محلا تجاريا صغيرا يحوي بعض الضروريات اليومية نذهب إليه لشراء بعض الحاجات اليومية، وبالكاد نشتري شيئين أو ثلاثة، كون غالبية الحاجات الأساسية في السوق باتت للعرض لا أكثر. الفقير يتفرج عليها فقط. بدلاً من شراء اللحم يشتري الحمّص، وبدلاً من شراء بعض الخضار يكتفي بالبقدونس والخسّ. كان الله في عوننا وعون الناس هنا
إذ يعيش النازحون حالياً في المخيمات واقعاً مأساوياً في ظل غلاء الأسعار.

** مقارنة

لنعود بذاكرتنا إلى سنوات مضت، مقارنةً بينها وبين الواقع اليوم: “سابقاً، كانت الحياة أجمل. ومن عاداتنا خلال شهر رمضان أن ندعو بعضنا البعض لتناول الإفطار كل يوم في بيت. اليوم، يحتار الشخص منا كيف يؤمن طعام الإفطار لعائلته”.ففي السابق
كانت الأسرة كلها تجتمع في شهر رمضان. المغتربون يعودون لقضاء شهر رمضان مع العائلة. لكن اليوم، العائلة الواحدة مشتتة بين الدول، ولا يجمعنا سوى الهاتف المحمول. كما أن جرائم النظام حرمت الناس من أقرب الناس إليهم، والأب من ابنه، والأم من ابنها، وفرقت الناس

النزوح الحادي عشر

عاش حسين الخضر أبو عبد الله قصّة عذاب طويلة وتجربة مريرة خلال النزوح. ويقول إن “النزوح قاسٍ، ورمضان في كل عام يأتي علينا أقسى من السابق. الخيم التي نعيش فيها منذ أعوام مهترئة،وبالكاد أمضينا فيها فصل الشتاء. منذ أيام، استيقظت من النوم واتكأت على الخيمة بالخطأ لتتمزق على الفور”. يضيف: “فقدنا الروحانيات وأجواء رمضان بسبب ما نعيشه، وفي ظل قلة الموارد وغياب الدخل. وهذا أمر ليس بالسهل خصوصاً بالنسبة لرب الأسرة. عائلتي مكونة من 21 شخصاً”. ويتحدث أبو عبد الله عن مرارة النزوح، قائلاً: “هذا النزوح رقم 11 بالنسبة لي ولعائلتي، إلى أن وصلت منطقة أطمة. نزحتُ من ريف حماة الشرقي إلى قصر علي وبعدها إلى الرويضة ثم إلى ريف إدلب الجنوبي، ثم إلى الدريبية فالمشيرفة فاللويبدة، وبعدها إلى سنجار. وكان النزوح الأخير إلى أطمة حيث أقيم حالياً. وفي كل نزوح، لك أن تتصور كم كانت الكلفة. فُقدت الرحمة في الوقت الحالي بين النازحين، فلو كنا نرحم بعضنا بعضاً لما وصلنا لهذا الوضع المأساوي”.
ليتابع قائلاً أتمنى أن أكون في بلدي في رمضان المقبل، حتى لو على تراب داري وأنقاضه، فالمهم أن نعود لكرامتنا. هنا، هدر جزء من كرامتنا. عندما تأتي منظمة لتقدم لنا يد العون نشعر بهذا الأمر، كونها تلتقط لنا عشرات الصور خلال إعطائنا أي شيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى