شمال سوريا.. ناجيات يُحطِّمن “التابو” وحقوقية تصفهن بـ”سيدات الثورة”
يواصل “تجمع الناجيات” من معتقلات الأسد في شمال سوريا، أنشطته وفعالياته لدعمهن وتمكينهن ومساعدتهن على الاندماج مجددًا في المجتمع المحلي والانخراط في مجالات الحياة، ولتغيير الصورة السلبية الاجتماعية التي تعصف بهن والجاهلة بكونهن ضحايا الانتهاكات المروعة في زنازين النظام إثر اعتقالهن على خلفية الرأي أو النشاط السياسي.
وأوضحت مديرة التجمع الناجية “سلمى سيف”أن التجمع يهدف إلى تمثيل الناجيات والتحدث باسمهن وإحياء قضيتهن في المجتمع عبر دورات دعم نفسي ومناصرة لدعم قدراتهن المهنية والتعليمية، وكذلك لنقل معاناة المعتقلات داخل سجون النظام للعالم والمطالبة بتحريرهن وإيصال صوتهن للأطراف الدولية المعنية بحقوق المرأة والمؤسسات والمنظمات الإنسانية ومحاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة.
*فعاليات “تجمع الناجيات”
وأضافت “سيف” أن التجمع يضم نشاطاتٍ وتدريباتٍ عدة من بينها جلسات أسبوعية متواصلة تتضمن فعالية “الأربعاء البنَّاء” الذي يُعنى بتوثيق شهادات الناجيات والقوانين والمواثيق الدولية التي تدعم قضاياهن، إضافة إلى تدريبات تتضمن العمل الإعلامي وبناء القدرات للناجيات وخاصة التعليمية، مؤكدة أنها شملت كافة الأعمار من الناجيات.
وتمحورت الخدمات التعليمية للناجيات في حصول عدد منهن على إعفاءٍ من دفع أقساط الجامعة التي تكمل فيها الناجية دراستها، أو دفع الأقساط من قبل صندوق التجمع رغم محدودية وضعف الموارد، أيضاً تضمن الشق التعليمي قبول عدد من الناجيات في دورات تعليمية ودخول قسمٍ منهن في دورات (محو الأمية) بالتعاون مع “مبادرة مسارات”، كما ضمت نشاطات التجمع تدريبات مهنية متنوعة ومشاريع صغيرة أملاً في حصولهن على فرص عمل تناسب تطلعاتهن وفق “سيف”.
*”الأربعاء البنَّاء”
بدوره..أكد المستشار القانوني لـ”تجمع الناجيات” رئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين والمفقودين “ياسر الفرحان”، أن البرنامج التدريبي الأسبوعي (الأربعاء البناء) مشروع مشترك للتجمع والهيئة كجزء من مذكرة التفاهم بين الطرفين في القضايا المشتركة، هدفه بناء القدرات للناجيات، في مجالات متعددة وفقاً لسلسلة من الاحتياجات المدروسة، بغاية تمكين التجمع من الدفاع عمن لا زلن معتقلات أولاً، ولدعم الناجيات علمياً وعملياً ونفسياً واجتماعياً ثانياً، ولتطوير مهاراتهن والمساعدة في توفير فرص العمل وسبل العيش أيضاً.
ويتضمن مخطط العام الحالي في البرنامج، تعلم مهارات التواصل ومبادئ الإدارة، ومدخلاً إلى الإعلام، واكتسبت الناجيات خلال الفترة الماضية ضمن هذا البرنامج، كيفية التوثيق وأهميته وآلياته واستثماره من أجل الحقيقة والإنصاف والمساءلة.
وشدد “الفرحان” على أهمية معرفة عناصر التوثيق والجهات ذات الولاية في حفظ الأدلة وفي كيفية استثمار التوثيقات وضوابط ذلك وفقاً للمعايير المحلية والدولية، بطريقة تحترم خصوصية الشهود والضحايا، وركز على أهمية دور تجمع الناجيات وروابط الضحايا في حشد الجهات الحقوقية والمدنية والسياسية في حملات المناصرة اللازمة دولياً وسورياً، من أجل العدالة، وأكدّ أن البرنامج وكافة جلساته وأنشطته تنجز بشكل تطوعي.
*شهادات تمزق “التابو”
ويقدم “تجمع الناجيات” شهادات لهن عن الاعتقال داخل سجون النظام، وأنواع التعذيب والتغييب القسري والاغتصاب، وكثيراً ما تصطدم الناجية بالعزلة الاجتماعية والصورة النمطية لأعراف المجتمع التي تربط الانتهاكات ضدهن بما يمسى “العار”، غير أنها سياسة ممنهجة استغلَّها نظام الأسد لقمع المنخرطين بالثورة بحسب تقارير حقوقية.
وفي هذا الصدد أكدت المحامية “جيهان قوصرة” لـ”زمان الوصل” أنه بدلاً من إعلاء صوت الناجية والوقوف معها على خلفية الرأي ونشاطها الثوري، يتوارى حقها في غياهب الأعراف الاجتماعية التقليدية الظالمة.
وأوضحت أنه ما من عاقل يدخل أقبية النظام بإرادته، مطالبةً الهيئات المحلية ومنظمات المجتمع المدني بدعمهن والوقوف على احتياجاتهن واعتبارهن سيدات الثورة ورموزها بل أكثر وفق تعبيرها.
ونشر التجمع شهادة لإحدى الناجيات، أكدت فيها تعرضها للاغتصاب والإهانة والضرب إثر اعتقالها برفقة أولادها من قبل قوات النظام، لكنها خرجت بخفي حنين بعد أن فوجئت بالإهانة من عائلتها عقب إطلاق سراحها، ما أجبرها على الانفصال عن ذويها، وعرَّفت الناجية تجربتها بأنها ناجية من الموت..، ومضت بالقول “قاومت المجتمع لأدافع عن نفسي، كان الاعتقال جراء رفضي الظلم والقتل والدمار”.
يشار إلى أن “تجمع الناجيات” تم تأسيسه في العام 2019 من قبل 100 ناجية من المعتقلات على خلفية الرأي والنشاط المساند للثورة، وينشط التجمع في ريفي إدلب وحلب لتمكين الناجيات وإعادة دمجهن في المجتمع، وإيصال صوت المعتقلات في عتمة أقبية مخابرات النظام إلى الرأي العام الدولي والمنظمات الحقوقية للإفراج عنهن.