دراسات

تنوُّع المحاصيل يوفر حمايةً للأمن الغذائي حول العالم

يساعد على مواجهة تناقُص إنتاج الغلال من جَرَّاء التغيرات المناخية كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة “كاليفورنيا” الأمريكية أن التنوُّع في إنتاج المحاصيل قد يكون مفتاح تحقيق الأمن الغذائي.

وأوضحت الدراسة، التي نشرتها مجلة “نيتشر” (Nature)، اليوم “الأربعاء”، 19 يونيو، أن زيادة الطلب العالمي على الغذاء، وانخفاض احتياطيات الحبوب وتغيُّر المناخ (من خلال الطقس الأكثر تقلبًا وتطرفًا) تهدد استقرار النظم الغذائية. فقد تَسبَّب الجفاف الشديد وارتفاع درجات الحرارة على سطح الكوكب في السنوات الأخيرة في خسائر بجميع أنحاء العالم، الأمر الذي ترتَّب عليه زيادة الفقر وتفاقُم الوصول إلى الغذاء السليم للعديد من الناس، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية والديموجرافية والسياسية بصفة خاصة في البلدان النامية.

تقول “دلفين رينارد” -باحثة ما بعد الدكتوراة في جامعة كاليفورنيا، والمشاركة في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن ضمان استقرار الناتج المحلي للغلال كوسيلة لتحقيق الأمن الغذائي على المستوى الوطني يحتاج إلى سياسات زراعية ذات خطط ذكية من أجل ضمان استقرار إنتاج المحاصيل. وانتهينا إلى أنه يمكن استخدام خطة للتنوُّع المتزايد في المحاصيل من أجل تثبيت إنتاجها“.

وتضيف “رينارد” أن “هذه النتيجة مهمة؛ لأن تأثير تنوع المحاصيل -خاصةً على النطاق المكاني الكبير- قد جرى التقليل من قيمته. وتُظهر نتائج البحث أن زيادة تنوُّع المحاصيل يستحق مزيدًا من الاهتمام باعتباره حلًّا لهذه المشكلة“.

اقتبس الباحثون فكرتهم من فكرة اقتصادية تعتمد على ضرورة تنوُّع الاستثمارات المالية في أكثر من حافظة، باعتبار أن ذلك من شأنه تقليل حجم المخاطر المالية.

تقول “رينارد”: قياسًا على هذا المفهوم الراسخ في مجال الأعمال، حاولنا توضيح فكرة أن زيادة التنوُّع في إنتاج المحاصيل على المستوى الوطني قد تزيد من الناتج على المستوى الوطني. فقد تفشل زراعة محصول واحد، ولكن احتمال وجود عدة حالات فشل يكون أقل في حالة زراعة عدد أكبر من المحاصيل“.

ولاختبار هذه النظرية، جمع الفريق البحثي قاعدة بيانات من جهات مختلفة، وربطوا بين متغيرات عديدة (مثل إنتاج محاصيل معينة، وتغيرات المناخ، والظروف السوسيو-اقتصادية) في غضون خمسين عامًا

اعتمد الباحثون في جمع البيانات على التقارير السنوية الصادرة عن “منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة”، التي تشمل بيانات عن أكثر من 150 نوعًا من المحاصيل، وكذلك البيانات الإحصائية الخاصة بالتغيرات المناخية، التي تتيحها جامعة “إيست أنجليا”، والبيانات المتعلقة بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، التي يوفرها “مركز السلام المنهجي” لحوالي 91 دولة لمدة 50 عامًا.

تقول “رينارد”: اعتمدنا على الوسائل الإحصائية التي مكَّنتنا من استخلاص العلاقة الإيجابية بين تنوُّع المحاصيل الزاعية (مثل الحبوب والبقوليات والمكسرات والمحاصيل الزيتية ومحاصيل السكر وغيرها) واستقرار الناتج المحلي، وتوصلنا إلى وجود علاقة طردية بين استقرار إنتاج الغلال عبر السنوات وتنوُّع إنتاج الغلال، وأن الزيادة الطفيفة في معدلات الاستقرار قد تقلل من احتمالات مواجهة أزمات حادة على مستوى الناتج المحلي من المحاصيل في السنوات التي قد يحدث فيها انخفاض حاد في إنتاج غلةٍ ما، وأن زيادة تنوُّع المحاصيل في بلدٍ ما يمكن أن تعوض التأثيرات الناجمة عن التقلبات المناخية.

وتوصي الدراسة بإجراء مزيد من الدراسات للتعرف على نوعية المحاصيل أو مجموعات الغلال التي قد تؤدي زراعتها معًا إلى استقرار الإنتاج، مشددةً على أن “تنوع المحاصيل يُعَدُّ أحد أركان الأمن الغذائي“.

دينا درويش

2019-06-19

المصدر: للعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Articles

Back to top button