مقالات

“تسول الأطفال” .. ما أسبابه ؟ ، وهل يمكننا الحد منه ؟. (حصري)

محمد العمر

نراهم منتشرين في الشوارع والأزقة يمدون يدهم لكل من يمر أمامهم طالبين الحسنة ولقمة العيش، بأساليبهم وطرقهم المتعددة التي غالباً ما تعتمد على استجداء الشفقة وإثارة عواطف الآخرين، وللناس بدورهم طريقتهم في الرد والتعامل مع الأطفال المتسولين؛ فمنهم من يستجيب لطلبهم هذا بالإحسان وتلبية حاجاتهم بما فيه النصيب، ومنهم من يقابلهم بالعنف بأشكاله المتعددة كالنهر أو الإهانة أو حتى الضرب في بعض الأحيان.
وقد زاد من هذه الظاهرة إنقطاع الأطفال عن المدارس بعد تهجيرهم من بيوتهم وانهيار المنظومة التعليمية في مخيمات النزوح والتهجير
بالإضافة إلى تدني المستوى الإجتماعي وتفشي الفقر بشكل كبير في غالبية المجتمع السوري وفي المناطق المحررة على وجه الخصوص

مفهوم تسول الأطفال

التسول هو طريقة غير مشروعة لكسب الرزق واستجداء الحسنة، عادة ما تنتشر بين الأطفال الفقراء ذوي النصيب المحدود من الدخل، ويعتمد الأطفال في تسولهم على وسائل مختلفة ومتنوعة تقوم بمعظمها على إثارة العواطف وتحريك مشاعر الشفقة كالدعاء أو تمثيل المرض أو الحاجة، وتعود ظاهرة التسول لأسباب عديدة أهمها الفقر وانتشار البطالة والتخلف الاجتماعي.

دوافع الأطفال وأسبابهم لسلوك التسول

لو كان الفقر رجلاً لقتلته، فالفقر هو الآفة التي تفرز الكثير من الظواهر الاجتماعية السيئة، والتسول هو أحد أسوء هذه الظواهر وأكثرها انتشاراً، والجدير بالذكر أن هذه الظاهرة تعود بالجزء الأكبر من آثارها السلبية على الأطفال في أي مجتمع، فهم الأصغر سناً والأقل وعياً ودراية بمساوئ هذه الظاهرة، ولدوافع وأسباب عديدة يلجاً الكثير من الأطفال إلى هذا السلوك المرفوض، ومن هذه الأسباب:

الفقر والحاجة وعلاقتهما بالتسول: فهما الداء الذي يفرز الكثير من ظواهر المأساة الاجتماعية مثل السرقة أو التسول، فقد يجبر الفقر والحاجة بعض الأشخاص على القيام بأفعال لا يرضى عنها المجتمع أو الأخلاق والقانون أو حتى الشخص المتسول ذاته.

تلبية بعض الرغبات التي تتطلب أموال أكثر من المتوفر: فبعض الأطفال وخاصة الكبار منهم قد يحتاجوا المال لتلبية رغبات مكلفة مثل التدخين وبسبب عدم كفاية ما يملكونه من مال لتلبية هذه الأشياء فقد يلجؤون للتسول لتأمين المال الكافي.
كثرة متطلبات الحياة الحديثة والغلاء المعيشي: فالحياة المعاصرة والتطور التكنولوجي والتشرد والانقطاع عن المدارس وقلة الحيلة الإجتماعية لمن لا يملكون معيلاً بعد وفاة المعيل وشعور الطفل أنه مسؤول عن تأمين حاجاته وحاجات أسرته بنفسه وهذه من الظواهر كثيرة الحدوث حيث يفقد رب الأسرة حياته أو صحته لسبب ما، وتتجه أنظار أفراد الأسرة نحو ابنه الأكبر ليأخذ دور الأب وهو ما زال طفلاً وهنا قد يضطر هذا الطفل للعمل بسن مبكرة أو التسول عند عدم عثوره على عمل يكفي احتياجاته واحتياجات أسرته.

استغلال الأطفال من قبل أحد الكبار للعمل في التسول

مثل ذويهم أو بعض الغرباء الذين ينظمون هؤلاء الأطفال في جماعات تمارس التسول كحرفة مقابل إعطائهم قوت يومهم.

البطالة والتسول

بالإضافة لما سبق فإن بعض الأشخاص الذين لا يتمكنون من الحصول على عمل بسبب البطالة وقلة فرص العمل من جهة، والضغط الناتج عن متطلبات الحياة ولقمة العيش بعد الوصل لهذه المرحلة من الغلاء من جهة أخرى فقد يجدون في التسول طريقة لمواجهة هذه البطالة، وقد يلجؤون لتجنيد أبنائهم في التسول.

العلاقة بين التسول والتشرد

تعد العلاقة بين التسول والتشرد عند الأطفال شديدة الصلة، فالتشرد يضع الأطفال في مواقف وحاجات تدفهم للتسول لتأمين لقمة عيشهم ومتطلبات حياتهم، فهم قد لا يتمكنون من العمل لأسباب عديدة، ولا يجدون من يرعاهم ويساعدهم في حياتهم.
كما ينتشر التسول في حالات المآسي الاجتماعية: مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية والتي يختلط فيها من يستغل مثل هذه المآسي لاستجرار عواطف الناس والاحتيال عليهم مع من أصبحوا بحاجة فعلية بسبب هذه المآسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى