مقالات

الصحة النفسية للأطفال في مخيمات شمال سوريا

كانت العشر سنوات الفائتة ذات وقع مؤلمٍ على الأطفال في سوريا، وقع ستظل ندباته مرافقة لهم لسنوات طويلة، فالحرب وويلاتها والقتل والتشريد وأصوات أسلحة الحرب تركت في نفوسهم جراحاً يصعب دملها، وآلاماً دمرت صحتهم النفسية.

ما هو خطر سوء الصحة النفسية عند الأطفال؟

غالباً ما يعاني الأطفال في الأزمات و الحروب من مشاكل نفسية تغير من سلوكهم و تزيد من مصاعب الحياة عليهم، ولا تقل الصحة النفسية عند الأطفال أهميةً عن الصحة البدنية إذ أن الاضطرابات النفسية تسبب للطفل مشاكل عديدة منها مشاكل في مزاجه وسلوكه وتفكيره.

وقد يعاني الطفل من مجموعة من الاضطرابات بعد سوء صحته النفسية منها “الاكتئاب” والشعور بالحزن، بالإضافة ل “القلق و نقص الانتباه” والعديد من الاضطرابات التي قد تظهر على الأطفال منها اضطرابات ذهنية تؤثر على تعلمه و اضطرابات في الأكل وطيف التوحد وسلس البول.

وتعتبر تلك الاضطرابات خطيرة على بعض الفئات العمرية مثل سن المراهقة واليافعين إذ أنها تدفعهم لبعض السلوكيات الخطيرة مثل تعاطي مواد مخدرة و إيذاء النفس والتفكير بالانتحار، بالإضافة لقلة النوم والعدوانية ورفض التعلم والكذب والتغير المفاجئ في أنماط النوم والطعام.

ما هي العوامل التي تؤثر سلباً على الصحة النفسية للأطفال ؟

يمكن للعديد من العوامل أن تؤثر سلباً على الصحة النفسية للأطفال، وأن تساهم في ظهور الاضطراب النفسي لديهم، ومن أبرز تلك العوامل المشاكل الأسرية وانهيار الأسرة أو مشاكل في العلاقة مع الأسرة أو الأصدقاء أو تعرض الطفل للتنمر.

ويضاف إلى تلك العوامل الفقر وسوء الأوضاع المادية، والشعور بعدم الأمان مثل الخوف الناتج عن الحروب، والمرض أو الإعاقة الجسدية، و سوء المعاملة و الانتقال للعيش من مكان لآخر، وتغيرات أو تحديات الحياة، ووفاة أو فقدان الأحبة.

أطفال سوريا عرضةً للأزمات النفسية و مخاطر الحرب

يعتبر الأطفال من الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، وفي سوريا تعرض عشرات الآلاف من الأطفال لمخاطر الحرب و آثارها، وخلال الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011 و 2021 قتل في سوريا بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان 29 ألف و 618 طفل، في حين قتل بسبب التعذيب 181 طفلاً، ولا يزال هناك 4931 طفل مغيبين قسراً على أيدي أطراف النزاع.

وقالت منظمة اليونيسف في آذار 2021 أن 90% من الأطفال في سوريا يحتاجون إلى الدعم، إذ أن جائحة كورونا و العنف و الأزمة الاقتصادية تدفع العائلات إلى الهاوية مضيفةً أن أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخمس سنوات في سوريا يعانون من التقزم نتيجة سوء التغذية، وأن حوالي 2.45 مليون طفل في سوريا لا يذهبون إلى المدرسة، في حين تضاعفت أعداد الأطفال الذين ظهرت عليهم أعراض الضيق النفسي والاجتماعي في 2020 اثر تعرضهم للعنف والخوف الشديد والصدمات.

وفي أيار/مايو 2021 نشرت صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية تقريراً نقلت فيه عن منظمة “أنقذوا الأطفال” تسجيل ارتفاع في عدد الأطفال الذين حاولوا الانتحار في شمال غرب سوريا محذرةً من أزمة الصحة النفسية التي من شأنها أن تؤثر على الأطفال بشكل خطير والظروف الصعبة التي يعيشها الأطفال في المنطقة بما في ذلك الفقر ونقص فرص العمل والعنف معتبرةً أن تلك العوامل تزيد محاولات الانتحار.

ونقلت الصحيفة عن اختصاصي في الصحة العقلية في منظمة “هوراس نتورك” التابعة لمنظمة أنقذوا الأطفال في شمال إدلب قوله أن 15% من المرضى البالغين لديهم أفكار انتحارية، بينما يعبر الأطفال عن صراعاتهم العاطفية من خلال سلوكهم العدواني أو الميل إلى الانعزال والانتقام.

وفي تقرير سابق لمنظمة أنقذوا الأطفال قالت أن الجيل القادم في سوريا سيكبر ويعاني من أزمات نفسية و عصبية إذ أن 89% من الأطفال في سوريا يعانون من جراح نفسية يصعب دملها، و أضافت أن 84% من الأطفال السوريين يعانون من الضغط العصبي، و 81% منهم أصبحوا أكثر عدوانية، في حين هناك 71% منهم يعانون من التبول اللاإرادي بفعل الأزمات النفسية.

الصحة النفسية للأطفال في مخيمات الشمال السوري

يعيشُ الأطفال المهجرون قسراً مع عوائلهم إلى المخيمات في شمال غرب سوريا ظروفاً إنسانية و أزمات صحية و نفسية صعبة، إذ أن أولئك المهجرين والذين يقارب عددهم على 1.6 مليون نسمة من بينهم ما يقارب 680 ألف طفل يعيشون في مناطق ذات كثافة سكانية عالية وفي مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

وبالتزامن مع تلك الأزمات يعيش سكان المخيمات في الوقت الحالي أزمةً صحيةً صعبةً بعد موجة جديدة لوباء فيروس كورونا “كوفيد-19” وخشية أن تتحول تلك المخيمات لبؤرة يتفشى فيها الوباء بعد ازدياد أعداد الإصابات اليومية بالفيروس وفي ظل ضعف مشاريع النظافة و الصرف الصحي ومياه الشرب فيها.

كما يعاني الأطفال من صعوبات في تلقي التعليم إذ أن معظم تلك المخيمات لا تحتوي على مدارس أو مراكز تعليمية، وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أعداد الأطفال في سوريا خارج مقاعد الدراسة ب 3.2 مليون طفل، في حين تقول وحدة تنسيق الدعم أن 1127 مخيم في الشمال السوري لا تحتوي على مدارس، وسط صعوبة الأهالي في تأمين التعليم لأطفالهم.

وتعتبر تلك الأزمات بالإضافة ل مشاكل عديدة منها فقدان أحد الوالدين إذ أن آلاف الأطفال في مخيمات النازحين يعيشون مع أحد الأبوين أو بدونهما بعد فقدانهم بسبب الحرب، بالإضافة للتشرد والفقر وسوء الأوضاع المعيشية سبباً أساسياً في سوء الصحة النفسية للأطفال في مخيمات النازحين و دخولهم في أزمات نفسية كبيرة.

استجابة منظمة بنفسج لدعم صحة الأطفال النفسية في شمال غرب سوريا

تسعى منظمة بنفسج من خلال مشاريعها في دعم الصحة النفسية للأطفال في شمال غرب سوريا خاصةً في مخيمات النازحين للاستجابة للأطفال الذين يعانون من مشاكل وأزمات نفسية، والذين زادت الحرب و التشرد والفقر من أزماتهم سوءاً.

وبلغ عدد الأطفال الذين تلقوا على الأقل 5 جلسات من جلسات الدعم النفسي الاجتماعي في مدينة إدلب 1325 طفل وذلك عن طريق مشاريع بنفسج للحماية والتي تتضمن أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي حيث يتم تزويد الأطفال بأنشطة ترفيهية لحماية الطفل في المواقع المستهدفة من قبل ميسري PSS الذين يستخدمون العديد مو موضوعات أنشطة PSS

المصدر : منظمة بنفسج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى