“استجابة سوريا”: هناك إصرار دولي على إرضاء روسيا للتحكم بالملف الإنساني بسوريا
قال فريق “منسقو استجابة سوريا”، في بيان ، إن هناك إصرار دولي على إرضاء الجانب الروسي للتحكم بالملف الانساني السوري بحجة المخاوف من توقف المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وهو ما يناقض تصريحات المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي في إحدى المقابلات عن وجود خطط بديلة، الأمر الذي يظهر عدم قدرة المجتمع الدولي على إدارة الملف الانساني بشكل جدي.
ولفت الفريق إلى دخول قافلة مساعدات إنسانية عبر خطوط التماس مع النظام السوري إلى مناطق شمال غرب سوريا برعاية برنامج الأغذية العالمي WFP مكونة من 14 شاحنة ، حيث تعتبر هذه الدفعة هي الخامسة منذ بدء تطبيق القرار الأممي 2585/2021 بعدد شاحنات كلي 71 ضمن كافة الدفعات.
وأوضح أن دخول هذه القافلة يأتي قبل أربع أسابيع فقط على تجديد القرار الأممي أو التصويت على القرار الجديد لإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن المساعدات التي دخلت اليوم والتي يدعي المجتمع الدولي أنها تطبيق للقرارات الأممية لن تستطيع المساهمة ولو بنسبة 0.5% من الاحتياجات الإنسانية.
ونوه إلى التلاعب الكبير من قبل روسيا والنظام السوري في الملف الإنساني، حيث لم تدخل أي قافلة عبر “خطوط التماس” منذ أكثر من شهر، وهو أمر لايمكن انتظاره لتحقيق احتياجات المدنيين في المنطقة.
ودعا الفريق المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية بشكل جدي اتجاه الملف السوري، وقطع الطريق أمام كافة المحاولات الروسية لقطع المساعدات الإنسانية عبر الحدود والتي تقدم خدماتها لأكثر من 3.6 مليون مدني من أصل 4.3 مليون نسمة تقطن في المنطقة.
وكانت دخلت قافلة مساعدات أممية، لبرنامج الأمم المتحدة WFP، اليوم 12/ حزيران/ 2022، من مناطق سيطرة النظام السوري بريف إدلب، إلى المناطق المحررة، عبر معبر الترنبة – سراقب، وخي خامس قافلة أممية تدخل عبر “الخطوط” من مناطق النظام إلى شمال غرب سوريا، برعاية “هيئة تحرير الشام” التي تتولى تسيير القافلة وحمايتها.
وكان أكد فريق منسقو استجابة سوريا، في بيان سابق، أن المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس مع النظام السوري غير كافية ولا تصلح لإمداد المنطقة بالاحتياجات الإنسانية، لافتاً إلى استحالة تنفيذها خاصةً مع العراقيل الكبيرة التي يضعها النظام السوري وروسيا على دخول القوافل الإنسانية عبر خطوط التماس، إضافة إلى استغلال المساعدات الإنسانية من قبل النظام السوري في تمويل عملياته العسكرية ضد المدنيين.
وتستطيع الآلية منع النظام السوري من سحب أجزاء كبيرة من المساعدات لبيعها في السوق المحلية والاستفادة منها مادياً، إضافة إلى سحب جزء من تلك المساعدات لتمويل وامداد قوات النظام السوري على محاور التماس، كما تحد الآلية الحالية من حدوث انهيار اقتصادي في شمال غرب سوريا ، كما تساهم إلى حد كبير من انتشار المجاعة في المنطقة.
وكان أبدى مسؤولون غربيون عن شعورهم بالقلق من أن روسيا قد تمنع تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، من خلال استخدامها حق النقض “الفيتو”، من أجل الحصول على تنازلات حول أوكرانيا.
وأوضحت مصادر الصحيفة، أن روسيا أرسلت “إشارات غامضة إلى أنها قد تستخدم (مجلس الأمن) للحصول على بعض التنازلات في المواجهة مع أوكرانيا”، ولفتت إلى عدم وجود إشارة مباشرة إلى ذلك من موسكو، كما رفضوا شرح نوع الإشارات التي كانوا يتحدثون عنها. وفي الوقت نفسه، أعربوا عن ثقتهم في أن روسيا “تستعد لطلب المساعدة في الالتفاف على العقوبات من البلدان التي ستتأثر بشكل مباشر بموجة جديدة من اللاجئين”.
ولمرة جديدة، بدأت روسيا خطواتها الدبلوماسية، بابتزاز المجتمع الدولي، في سياق مساعيها لوقف تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية “عبر الحدود”، سبق ذلك سلسلة ضغوطات مارستها العام الماضي حول الآلية، لتعلن معارضتها لتمديد الآلية، وقالت إن المجتمع الدولي لا يبذل الجهود الكافية لدعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في هذا البلد.
جاء ذلك على لسان نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، وقال في معرض تعليقه على الآلية التي ينتهي تفويضها في يوليو القادم: “من المرجح أن نسمع اليوم كثيرا من التصريحات عن أهمية هذه الآلية بالنسبة للاجئين السوريين وضرورة تمديدها أو حتى توسيعها، وتعلمون أن موقفنا بهذا الشأن يختلف ولا يمكننا تجاهل الحقيقة المتمثلة في أن هذه الآلية، في حال تسمية الأمور بمسمياتها، تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها”.
ومصطلح “عبر الحدود” مختلف تماما عن “عبر الخطوط”، فالأول يعني أن المساعدات تدخل عبر الحدود مع الدول، وهي حدود دولية، منها عبر تركيا من خلال معبر باب الهوى، والثاني أن المساعدات تدخل عبر خطوط السيطرة بين النظام والمناطق المحررة، و ربما يكون معبر سراقب أو أي معبر آخر يتم التوافق عليه بين روسيا وتركيا لاحقا.
ويرى متابعون للملف الإنساني، أن روسيا تسعى بشكل تدريجي لتقويض الملف الإنساني وسحبه لصالح النظام ولكن عبر مراحل، بدأت بوقف دخول المساعدات من جميع المعابر وحصرها بمعبر واحد، ثم المطالبة بفتح معابر مع النظام من باب إنساني باسم “خطوط التماس”، وطرح موضوع “التعافي المبكر”، لتحقيق اعتراف جزئي للنظام حالياً، ولاحقاً التمهيد لسحب الملف الإنساني كاملاً.
وهنا لا بد من الإشارة أنه إذا ما نجحت روسيا بنقل المساعدات الانسانية إلى النظام فإن وضع 4.5 ملايين نسمة في المناطق المحررة سيكون في وضع صعب للغاية، خاصة أن النظام سيتلاعب بعملية تسليم المساعدات بالتأكيد، تماما كما يتلاعب بتسليها لمناطق سيطرة قسد، والتي لم تتسلم أي شي نهائيا عبر دمشق منذ إغلاق معبر اليعربية مع العراق.